مقتل لاجئه سوريه في بلجيكا بداعي الشرف
أحلام يونان، شابّة في الثامنة والعشرين من عمرها، أعلنت الشرطة البلجيكية يوم الأحد 3 كانون الثاني/ يناير العثور على جثتها وهي مقيدة اليدين إلى الخلف، بينما تستقر رصاصة في رأسها، وذلك بعد أن ترك القاتل المسدس الذي ارتكب به جريمته إلى جانب جثة الضحية، داخل شقتها في مدينة لييج في بلجيكا.
الشرطة البلجيكية بدورها ترجح فرضية “جريمة الشرف”، إذ أن أحلام الفتاة السورية اللاجئة منذ عدة سنوات في بلجيكا، كانت تلقت حسب ما أكّدت أختها الكبرى فاديا عدداً من رسائل التهديد من بعض أفراد أسرتها، وذلك بسبب خلافات تتعلق بنمط حياتها “الأوروبية”، ما دفع مكتب المدعي العام البلجيكي إلى ترجيح فرضية “جريمة الشرف” تبعاً لأقوال أختها.
بحسب مواقع صحفية بلجيكية وفرنسية نشرت أخبار الحادثة أكّدت التحقيقات وتقارير الطب الشرعي أن الجريمة تعود لعدة أيام قبل اكتشافها، وترجح التحقيقات أن تاريخ وقوع الجريمة يعود إلى 29 كانون الأول/ ديسمبر2020.
كذلك أوضحت التحقيقات بحسب الصحافة البلجيكية أن أحلام كانت تحدثت لبعض أصدقائها عن تهديدات تلقتها من قبل أفراد عائلتها، ومن قبل أحد إخوتها، اعتراضاً على طريقة حياتها، وعلى استقلاليتها في السكن والعمل.
التأكيدات التي عرفتها الشرطة من قبل شقيقة أحلام وأصدقائها حول تلقي الضحية تهديدات بالقتل، جعلت الجهات القضائية ترجح فرضية “جريمة الشرف”، إلا أنها لم تعلن عن إلقاء القبض على أي من المشتبه بهم حتى الآن، بينما اكتفت بالإشارة إلى انطلاقها في إجراء التحقيقات، خاصة وأن أفراد الأسرة موزعين بين عدة دول أوروبية منها السويد و ألمانيا وبلجيكا ولا يزال بعضهم يعيش في سوريا حتى الآن.
من جهتها صحيفة لوفيغارو الفرنسية وفي تقرير لها حول الحادثة نشرته، أمس الخميس، أشارت إلى أن أحلام المولودة في 18 تشرين الثاني/ نوفمبر 1992 والتي كانت تعمل كنادلة في أحد مقاهي مركز مدينة لييج البلجيكية، وجدتها أختها فاديا مقتولة في شقتها وذلك بعد انقطاع الاتصال بينهما لعدة أيام.
كما أشارت لوفيغارو في تقريرها إلى أن نمط حياة الضحية لم يعجب بعض أفراد أسرتها المنحدرة من عائلة مسيحية سورية، ومن ضمنهم أخوتها الذكور الخمسة الذين يقطنون في دول أوروبية مختلفة، هذه المعطيات هي ما دفعت الجهات القضائية البلجيكية لترجيح فرضية “جريمة الشرف”.
كذلك ذكرت مواقع صحفية بلجيكية أن فاديا الشقيقة الكبرى لأحلام، والتي تقطن في ضواحي مدينة لييج البلجيكية، تلقت هي الأخرى تهديدات تتعلق بنمط حياتها من قبل بعض أفراد عائلتها، ما دفع الشرطة البلجيكية إلى اتخاذ إجراءات لحمايتها.
في السياق، وإذا أثبتت التحقيقات صحة فرضية “جريمة الشرف” التي أعلنت عنها الجهات القضائية البلجيكية، فإن هذه ليست المرة الأولى التي تقتل فيها إحدى النساء السوريات في دول أوروبا من قبل أحد أفراد عائلتها، إذ قتل شاب سوري زوجته في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي في ألمانيا، واتصل ليبلغ الشرطة بفعلته، وتذرّعَ يومها أن ما دفعه لقتل زوجته شكوكه بوجود علاقة بينها وبين رجل آخر.
بينما ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي في آذار/ مارس 2018 بفيديو شهير لرجل قال أن اسمه “أبو مروان” ويقيم في ألمانيا، ظهر خلال التسجيل وهو يلوّح بسكين تقطر دماً، ويؤكد أنّه أقدم على قتل زوجته نتيجة شكوكه فيها.
من الجدير بالذكر، أن جرائم قتل النساء من قبل أحد أفراد العائلة كالأخ أو الأب أو الزوج أو غيرهم هي ممارسة شائعة تعاني منها النساء في سوريا ودول المنطقة، إذ انتشر في عام 2018 فيديو لفتاة تدعى رشا بسيس تتعرض لإطلاق نار كثيف من أحد أفراد عائلتها في مدينة جرابلس شمال سوريا، وتسُمع في الخلفية أصوات تشجع القاتل على ارتكاب جريمته، ما أثار احتجاجات من قبل ناشطين في مجال حقوق الإنسان، كذلك وثّق ناشطون محليون مقتل 9 نساء في مدينة السويداء جنوب سوريا خلال عام 2020 بحجة “جرائم الشرف”، ارتكبت إحدى الجرائم من خلال ضرب رأس الضحية بالمطرقة (الشاكوش) !
بينما تنوّه بعض الإحصائيات إلى أن سوريا مصنفة الخامسة عالمياً والثالثة عربياً من بين الدول التي تنتشر فيها جرائم قتل النساء باسم “جريمة الشرف”، وتشير إحصائيات وزارة الداخلية السورية في عام 2010 إلى أن 294 جريمة من عدد القضايا الجزائية تم توثيقها بوصفها “جريمة شرف”، فيما شكلت “جرائم الشرف” نسبة 60 بالمئة من عدد القضايا، كما يشير المركز السوري للإحصاء إلى أن جرائم الشرف في سوريا تتراوح ما بين 200 إلى 300 جريمة كل عام.
هذا الواقع يدفع نشطاء وحقوقيين إلى العمل ضد هذه الجرائم المخزية بحق النساء، حيث يعبر كثير من النشطاء عن استنكارهم لها ووصفها بـ”جرائم اللّاشرف”، فيما يُخشى اليوم أن بعض اللاجئين السوريين يريدون نقل مثل هذه الأفعال معهم إلى مجتمعات لجوئهم، وهو ما يخلق مشاكل وحواجز بينهم وبين المجتمعات التي يستقرون فيها.