اقتصاد

أفكار ومقترحات لتحسين الوضع الاقتصادي السوري

عقد مركز دمشق للأبحاث والدراسات – مداد، ورشة عمل لمناقشة “الوضع الاقتصادي في سورية”، حضرها مجموعة من الخبراء الاقتصاديين والمهتمين بالشأن الاقتصادي في سورية، بهدف الإسهام في وضع مقترحات وتوصيات لمتخذ القرار تتعلق بالقطاعات المالية والنقدية والاقتصادية، ويمكن أن يكون لها تأثيرات إيجابية في الوضع الاقتصادي في سورية فيما لو تم الأخذ بها.

أولاً- مقدمة عامة أو شروط أساسية

 

 

1  )  .العمل على تحديد هوية الاقتصاد السوري (اشتراكي – رأسمالي – سوق اجتماعي….) لأن القوانين والسياسات والأنظمة كافةً التي تنظم العمل الاقتصادي يجب أن تكون متناغمة ومتسقة بعضها مع بعض، وتتفق مع الرؤية الاقتصادية للبلد. كما أنَّ السياسات الاقتصادية مرتبطة بمتطلبات الأمن القومي الاقتصادي وعلى رأسها الأمن الغذائي. وأصبحت ضروريّةً مراجعةُ دور الدولة الاقتصادي في سورية، بحيث تتحول من متدخل ومنتج لكل شيء، إلى منظم وضابط لإيقاع الاقتصاد عبر وضع القوانين والأنظمة والسياسات العامة، وضمان تطبيقها بشكل شفاف وعادل.

 

 

2  )  يمكن العمل على وضع تشخيص علمي دقيق للوضع الاقتصادي الحالي، بحيث يكون لدينا رؤية شمولية كليّة للوضع، وأن نتعامل مع الأسباب وليس مع الأعراض. وأن تكون الخطط والقرارات عبارة عن حلول متكاملة وليست حلولاً ترقيعيّةً.

3  )  إنَّ سعر صرف الليرة السورية مقابل العملات الأجنبية هو مرآة للاقتصاد الوطني، وبالتالي إن تراجع أو تحسن سعر صرف الليرة السورية يعود بقسم كبير منه إلى أسباب اقتصادية وأمنية وليس لأسباب نقدية فقط. وبالتالي إن سعر صرف الليرة هو مسؤولية اللاعبين الرئيسيين كافةً في المجال الاقتصاديّ، وليس مسؤولية مصرف سورية المركزي فقط.

 

 

4  )  يُفضّل أن تولي الحكومة الأهمية القصوى لملف الفساد ومكافحة التهريب وإلا ستكون القرارات الاقتصادية كافةً ذات تأثير محدود ولا تحقق الأهداف المرجوة منها. كما ينبغي العمل على خلق بيئة أعمال تنافسية أكثر شفافية ووضوحاً، سواء أكان ذلك لجهة ما يتعلق بالأهداف أم لجهة ما يتعلق بالتشريعات والنظم الإدارية والقانونية (قانون الاستثمار).

5  )  ينبغي أن يُعطى الاقتصاد الحقيقي (الزراعة والصناعة) الأهمية القصوى في القرارات والسياسات الحكومية فيما يتعلق بالدعم والتنظيم والتمويل، ليكون هو الحامل الحقيقي للاقتصاد الوطني مع أهمية القطاعات الاقتصادية الأخرى، والتركيز حالياً على القطاع الزراعي المحلي والصناعات الغذائية للإسهام في تخفيف تأثير العقوبات في الأمن الغذائي.

 

 

6  )  الخروج من المنظور الضيق لمفهوم الكلفة على الإجراء إلى مفهوم الكلفة على الاقتصاد (مثل: إصدار سندات خزينة يُعد كلفة تمويلية على وزارة المالية بالمفهوم الضيق، ولكنه إجراء صحيح بالمفهوم الواسع نظراً للفوائد الإيجابية على الاقتصاد من ناحية ضبط معدل التضخم وتحسين الإنفاق الاستثماري).

 

 

ثانياً- المقترحات
1 _  محور السياسة النقدية

يُحبّذ العمل على إعادة النظر في هيكل أسعار الفائدة على الليرة السورية، بحيث يتم رفع أسعار الفائدة على الودائع بالليرات السورية بشكل حقيقي ولتصل إلى 15-20% لكي تكون وعاء استثماريّاً وادّخاريّاً جاذباً لفائض السيولة في الاقتصاد، الأمر الذي يضبط معدل التضخم، ويعزز سعر صرف الليرة السورية. ويمكن معالجة ارتفاع الفائدة الدائنة على القروض نتيجة هذا الإجراء عبر برنامج دعم حقيقي للفوائد مُموَّل من وزارة المالية، وبالتالي دعم سعر صرف الليرة السورية، وتنشيط الاستثمار في الوقت نفسه.

 

 

•يمكن رفع معدلات الفائدة على الودائع بالقطع الأجنبي لتكون بحدود 7-9% حسب الآجال، وتقديم ضمانات حقيقية لأصحاب الودائع على أساس عدم المساس بها من ناحية العملة أو سرعة تلبية طلب صاحب الوديعة، وذلك بهدف استقطاب كتلة من السيولة بالقطع الأجنبي إلى القطاع المصرفي ومن ثم لمصرف سورية المركزي.

•الاستمرار في إصدار شهادات الإيداع نظراً لتأثيرها الإيجابي في ضبط معدلات السيولة في القطاع المصرفي، وكقناة استثمارية للمصارف العاملة بحيث تخفض كلفة أموال المصرف.

•البدء في إصدار الصكوك الإسلامية نظراً لأهميتها في خلق أداة استثمارية وتمويلية هامة للمصارف الإسلامية العاملة وللمستثمرين الأفراد وللحكومة.

 

 

•رفع سعر تمويل المستوردات لحدود 800 ليرة سورية، وإعادة النظر بسعر الحوالات الواردة من الخارج ليكون قريباً من سعر صرف الليرة السورية في السوق الموازية.

•التفكير في إصدار شهادات إيداع بالدولار الأمريكي لصالح رجال الأعمال السوريين داخل وخارج سورية وذلك بهدف تدعيم احتياطيات القطع الأجنبي لدى المصرف المركزي.

•ضبط الفوضى في العمولات المصرفية التي تتقاضاها المصارف وشركات الصرافة على تمويل العمليات المصرفية والتي تتجاوز 30% في بعض العمليات والتي تؤثر بشكل كبير في تكلفة المنتجات والخدمات المستوردة.

 

 

•وضع سياسات لتعزيز سرعة تداول النقود في الاقتصاد (Velocity of Money) من خلال تعزيز مؤشر التطور المالي في البلاد؛ تحسين الدخل الحقيقي للمواطنين؛ ورفع نسب الوصول إلى القطاع المصرفي (Access Ratios for Banking Sector)، إلخ.

•ينبغي العمل على خلق بيئة تشريعية تسمح بعودة المدخرات السورية في الخارج والتي تُقدّر بعشرات المليارات من الدولارات، عبر إعطاء ضمانات حقيقية لأصحاب هذه الودائع. إضافةً إلى اتخاذ سياسات تحفيزية كرفع أسعار الفوائد على الودائع بالقطع الأجنبي وبالليرة السورية.
•الاستمرار في مكافحة عمليات الدولرة في الاقتصاد بالإصرار على تطبيق المرسومين التشريعيين رقم 3 و4 للعام 2020.

 

 

•   2 _  محور السياسة المالية
•يمكن الاستمرار في تمويل عجز الموازنة العامة للدولة عن طريق إصدار سندات خزينة لما لذلك من تأثيرات إيجابية في معدل التضخم، والحدّ من التمويل عن طريق المصرف المركزي.

•تفعيل الطلب الكليّ وتحريك الاقتصاد؛ ذلك عن طريق اتباع سياسة مالية توسعية من خلال تحسين الدخول الحقيقية للمواطنين وزيادة الإنفاق الاستثماري في الموازنة العامة للدولة.

•استكمال الإجراءات القانونية والتنظيمية لإصدار كلّ من قانون الضرائب وقانون البيوع العقارية.

•مكافحة التهرب الضريبي واستكمال العمل على حلّ مشكلة التراكم الضريبي غير المنجز لكبار المكلفين لتحصيل مستحقات الدولة وتوظيفها في التنمية الشاملة الاقتصادية والاجتماعية. بالإضافة إلى تحسين عوائد أملاك الدولة.

•مكافحة الفساد في قطاع الجمارك العامة، نظراً للمبالغ المالية الهائلة التي تضيع على الخزينة العامة للدولة نتيجة لذلك.

 

 

•   3   محور السياسة التجارية
•يُفضّل وضع الإجراءات اللازمة لتقليص العجز في الميزان التجاري، وذلك من خلال ضبط عمليات الاستيراد وبخاصة للسلع الكمالية، وتحسين مستوى الصادرات.

•ينبغي مكافحة ظاهرة الاحتكار في الاقتصاد، والتي تُعدّ إحدى أكبر مشاكل القطاع الإنتاجي في سورية، وتشجيع التنافسية في الداخل وفسح المجال أمام الجميع، الأمر الذي سينعكس إيجاباً على قيمة السلع والخدمات المقدمة.

•تعزيز دور الشركات المساهمة العامة في عملية إعادة الاعمار لما لتلك الشركات من قدرة على جذب صغار المدخرات ومن خارج القطاع المصرفي وتوجيهها في القنوات الاستثمارية الصحيحة.

 

 

•إطلاق برنامج حقيقي لإحلال المستوردات من خلال تخصيص الجزء الأكبر من المحافظ الائتمانية للبنوك لتمويل هذه المشاريع. إضافةً إلى منح سعر فائدة مدينة تفضلي لهذه المشاريع.

•وضع برنامج وطني لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتفعيل مؤسسة ضمان مخاطر القروض.

قيام الجهات السورية المتخصّصة بضبط عمليات التهريب على الحدود وبخاصة المعابر غير الشرعية على الحدود اللبنانية والتي أصبحت تشكل معابر لاستنزاف الاقتصاد الوطنيّ.