اقتصاد

مع أوضد .. زيادة الرواتب .. أم تثبيت الأسعار

تم التعامل مع الأزمات الاقتصادية والتضخم في سورية على الصعيد الفردي خلال العشر سنوات الماضية بأساليب غير مجدية نسبياً، حيث لم يشهد السوريين خلال كل هذه الفترة أي خطة اقتصادية واضحة تهدف إلى النهوض باقتصاد البلد بشكل واقعي وعلى أسس علمية من الممكن تطبيقها، والحلول المتخذة غالباً ما كانت مؤقتة وإسعافية وهذا ديدن الحكومات المتعاقبة في إدارة الأزمات الاقتصادية في البلد منذ زمن طويل.

من هذه الإجراءات التي اعتاد عليها الناس في سورية هي زيادة الرواتب، وهي قضية أصبحت تثير الجدل كثيراً في الفترة الأخيرة فانقسم الناس بين مؤيد للزيادة وبين معارضٍ لها بحجة أنها ليست حل حقيقي وستكون سبب للتضخم لا أكثر، في هذا المقال سنناقش كلا الرأيين ثم سنحاول الخروج بنتيجة صحيحة تجعلنا نفهم ماهية الأمر بوضوح…

1- زيادة الرواتب هي أمر جيد بالنهاية إيجابياته تفوق سلبياته:

يعتقد أصحاب هذا الرأي بأن زيادة الرواتب هي الحل الأفضل لمواجهة الركود، حيث أن الركود أسوء من التضخم والمطلوب حالياً هو تحريك السوق وضخ السيولة في جيوب الناس لإنعاش الأسواق السورية المتهالكة من الغلاء والفقر، إذ أن زيادة الراتب لن يعود بالفائدة على الموظف فحسب بل على المجتمع ككل، فهذا الموظف في النهاية سيحتاج لإنفاق نقوده على مختلف احتياجات الحياة وستكون الحاضنة لهذه السيولة الإضافية التي حصل عليها هي الأسواق السورية، فتؤدي هذه السلسة بالنهاية إلى تحريك الاقتصاد والتخفيف من الركود.

أما التضخم الناتج عن الأمر فهو ليس بالأمر الجلل إن أمكن احتواءه والسيطرة عليه عن طريق تطبيق آليات الرقابة على الأسواق والتجار، ومن ثم السيطرة على الأسعار ضمن المعقول.

2- زيادة الرواتب هي فكرة سيئة، وفخ سبق قد وقعنا به مراراً وتكراراً:

يتجه أصحاب هذا الرأي إلى القول بأنه من غير المنطق زيادة الرواتب بشكل غير متوافق مع زيادة حركة الإنتاج والتجارة في البلد، فستمتص الأسعار أي زيادة تطبق بشكل شبه آني ولن يعود ذلك بالفائدة على أحد حيث لن نجني من الأمر إلا زيادة التضخم واستمرار الركود، وسنكون قد فاقمنا مشكلة الركود التضخمي التي تحدث عنها الخبراء سابقاً وحذروا منها.
والحل بدلاً من ذلك هو العمل على تثبيت الأسعار ودعم المواد الأساسية بشكل أكبر لتناسب دخل المواطن السوري الحالي، فالمبالغ التي ستزاد على الرواتب من الأولى استثمارها في تقديم الدعم للمواد في السوق، أو على القطاعات الخدمية المتردية التي تؤثر بشكل كبير على حركة الإنتاج وتقف في وجه تنشيط الصناعة في البلد.

أما من يتحدث عن زيادة الرواتب ومن ثم محاولة السيطرة على التضخم الحاصل بسبب ذلك، فهو كمن يضع لنفسه مشكلة جديدة لينشغل بحلها عن مشاكله السابقة…!

في النتيجة:
في الواقع إن زيادة الرواتب من عدمها ليست هي مشكلة الاقتصاد السوري، لكن المشكلة أن ما يحدث في سورية هو أن الحكومة لا هي قادرة على زيادة الرواتب وتوفير السيولة في أيدي الناس، ولا هي بعدم زيادتها للرواتب تستطيع توفير الدعم وتثبيت الأسعار، لذلك فمن يعتقد أن الوضع الحالي أفضل من زيادة الرواتب هو مخطأ بالتأكيد، لأن العجز هو أسوء من يمكن الوقوع به من مشاكل.
فالمطلوب هو دراسة المعطيات الاقتصادية بشكل علمي صحيح ومن ثم اتخاذ قرار متقن بناءً على ذلك، حول إمكانية الاقتصاد السوري تحمل زيادة جديدة في الرواتب أم أنه يجب علينا البحث عن آلية أفضل للسيطرة على الركود التضخمي الذي ينخر في جسد البلد حتى النخاع.