اقتصاد

نتائج تعويم العمله على الاقتصاد السوري

تعويم العملة هو نظام أو استراتيجية اقتصادية تبناها بعض أتباع المدرسة النقدية في الاقتصاد (ميلتون فريدمان على سبيل المثال)، تعتمد فكرة تعويم العملة بشكل جوهري على جعل سعر صرف هذه العملة محرر تماماً، بحيث يتم التخلي عن تحديد سعرها عن طريق المعادلة مع عملات أخرى، إذ لا تتدخل الحكومة ولا البنك المركزي في تحديد سعر الصرف بشكل مباشر، فيصبح الأمر كله متعلقاً بالعرض والطلب ضمن سوق العملات وعلى هذا الأساس يتم تحديد أسعار الصرف.

يزعم أنصار تعويم العملة بأن تحرير سعر الصرف سيكون له فائدة في جعل عملة البلد تعكس المعطيات الاقتصادية (كالنمو والتضخم وأسعار الفائدة) بشكل سليم ومتوافق مع مجريات السوق الحقيقية، وسيقود ذلك بالتالي إلى إعادة التوازن للعلاقات التجارية وحسابات المعاملات الجارية.

 

 

في الاتجاه المقابل يرى معارضو هذا الأسلوب، أن تعويم العملة سيفتح المجال للدول الأخرى بالتدخل بشؤون الدولة المالية لتصبح العملة خارج نطاق سيطرة وتحكم الدولة بالشكل المطلوب، إضافةً إلى أن أسواق العملة إن تركت حرة ورفع عنها الضبط والرقابة قد تقود إلى كوارث لا يحمد عقباها، وأزمة الرهن العقارية في الولايات المتحدة خير مثال.

أنواع تعويم العملة
التعويم الخالص: يطلق عليه بالتعويم الحر أيضاً، ويعني أن تمتنع الدولة بشكل كامل عن التدخل في سعر الصرف وتركه تماماً تحت سيطرة آلية العرض والطلب في السوق، إذ أن جل ما تستطيع الدولة فعله في هذه الحالة هو التأثير على سرعة تغير سعر الصرف لكنها لن تستطيع الحد أو إعادة توجيه هذا التغير.

التعويم الموجه: يتم تحديد سعر الصرف عن طريق آلية العرض والطلب كذلك، لكن الدولة تتدخل عبر مصرفها المركزي بهدف توجيه التغير الحاصل في سعر الصرف بما يخدم مصالحها، وذلك من خلال التأثير على حجم العرض والطلب على القطع الأجنبي، حيث يتم هذا الأمر كاستجابة لبعض المؤشرات التي تتضمن معدل الفجوة بين العرض والطلب في سوق صرف العملات بالإضافة التطورات التي تطرأ على أسواق سعر الصرف المماثلة والمستويات الآجلة والفورية لأسعار صرف العملات.

 

 

هل التعويم الحر خيار ممكن في سورية؟
كانت الليرة السورية قد خضعت سابقاً في مطلع عام 2012 إلى التعويم الموجه على حسب تعبير رئيس مصرف سورية المركزي وقتها، حيث خسرت الليرة السورية حينها ما يقارب 40% من قيمتها دفعة واحدة لكن تلك الخسارة كانت اقتراب من سعر السوق الحقيقي أكثر من كونها خسارة فعلية، وبقيت الحكومة السورية تحاول الحفاظ على مستويات سعر صرف الليرة السورية تحت السيطرة وتحديد وجهتها عبر ضخ كمية من الدولار كل فترة إلى الأسواق النقدية.

لكن الأزمة الحالية وفقاً لمراقبون كشفت عن خروج دفة القيادة من يد حاكم المصرف المركزي بالإضافة إلى عجز الحكومة عن السيطرة على التدهور والتذبذب السريع الذي انتزع ما تبقى من ثقة المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال بالليرة السورية، إذ أن سعر صرف الليرة قد اتجه بشكل أو بآخر إلى نظام التعويم الحر حتى لو لم تعترف الحكومة بذلك، ناهيك عن اعتبار بعض المطلعين على الشأن الاقتصادي السوري بأن الليرة السورية فقدت قيمتها كعملة وطنية أساساً وبدأت تتحول إلى ما هو أشبه بلعبة في أيدي المضاربين وأصحاب المصالح الخفية.