اقتصاد

ارقام واحصاءات مرعبه عن هجرة العقول والكفاءات السوريه

بعد مرور سبعة أعوام على الحرب، لم نلاحظ أي اهتمام من قبل الحكومة للنظر بموضوع هجرة العقول التي ستساهم في إعادة الإعمار، في حال تم الاستثمار الصحيح لهم، ولكن على ما يبدو أن همّ الحكومة كان احتساب حجم القطع الأجنبي الذي يخرج مع المهاجرين.

حيث لم ينظر وزير الاقتصاد، إلى حجم الخسارة السورية جرّاء خروج هؤلاء، الذين تستقطبهم دول الغرب بكلّ ما أوتيت من مالٍ وقوّة، إلا من زاوية استنزاف المهاجرين للقطع الأجنبيّ. مقدّراً أن كلا منهم يسحب من البلد 7 آلاف دولارٍ، كاشفاً عن الخسارة التي تكبّدها اقتصاد البلد جرّاء الهجرة، والتي وصلت -حسب تصريحات الوزير- إلى 420 مليون دولارٍ، نظراً إلى أن غالبية المهاجرين باعوا ممتلكاهم وبيوتهم وسياراتهم ومصاغهم واشتروا دولاراتٍ لدفع تكاليف الهجرة، وهو نزيفٌ آخر لموارد الدولة.

 

وتُعدّ سورية من البلدان الطاردة للكفاءات العلمية، وهي تحتل المرتبة الأولى بين الدول العربية حسب مؤشر هجرة الأدمغة المعتمد ضمن منهجية قياس المعرفة للبنك الدولي بنسبة 2.3 %، للمؤشر المتدرج من 1 إلى 7 حسب التقرير العربي عن المعرفة.

الأرقام تتحدث…

تشير أرقام المكتب المركز للإحصاء في سورية أن الاقتصاد خسر خلال سنوات الحرب 5 مليون عامل في القطاعين العام والخاص. وبينت الأرقام أن عدد العاملين عام 2010 زاد على 8 ملايين في القطاعين، متراجعاً بنسبة 63% علماً أن عدد الخريجين من الجامعات والثانويات المهنية ومراكز التدريب والعائدين من الإيفاد، يقل عن 100 ألف خلال 2018، أي نحو 5% فقط من الخسارة في القوة العاملة.

وكانت دراسة صادرة عن مركز دمشق للأبحاث والدراسات «مداد» ، أكدت أن الموجة الكبيرة من الهجرة واللجوء إلى خارج سورية منذ 2011، شملت لأول مرة شباباً وأطباء ومهندسين وعلماء وفنانين وأساتذة جامعات ومهنيين من مختلف المناطق. ووفق الدراسة التي حملت عنوان “هجرة الكفاءات والعقول السورية نزيفٌ تنمويٌّ مستمرٌ”، فإن أكثر من 900 ألف سوري استقروا في ألمانيا حتى العام 2017، يوجد أكثر من 40 % من هؤلاء من أصحاب المؤهلات العالية، إضافة إلى أعداد أقل اتجهت إلى بقية البلدان الأوروبية والولايات المتحدة وكندا.

 

 

وذكرت الدراسة، أن القطاع الصحي خسر نسبة كبيرة من كوادره التي كانت أحد أسباب نقص الخدمات الطبية في أثناء الحرب، منوهة بأن التقديرات الصادرة عن النقابات المعنية تشير إلى هجرة نحو ثلث الأطباء، وخمس الصيادلة (أي 33% و20% على التوالي)، ما أدى إلى ارتفاع متوسط عدد السكان لكل طبيب بشكل كبير في سنوات الحرب، من 623 مواطناً لكل طبيب عام 2010، إلى 730 مواطناً لكلّ طبيب عام 2015.

وتحاول النقابات والجامعات والمؤسسات البحثية تقدير أعداد الكفاءات التي غادرت سورية في مرحلة الحرب، إذ يقدّر عدد الأطباء، ومن مختلف التخصصات، الذين غادروا بـ 584 طبيباً، إضافة إلى 2250 طبيب أسنان، أما أساتذة الجامعات، ومن مختلف الكليات، فقد بلغ 1220 أستاذاً، إلى جانب نحو 150 من حملة الدكتوراه الذين يعملون خارج الجامعة، أي في المؤسسات والوزارات المختلفة، ويقدّر عدد المهندسين بـ8521 مهندساً على تنوع تخصصاتهم، إلا أن الرقم الأكبر كان لحملة الإجازة الجامعية (المجاز) تجاوز 21480، إضافة لأعداد كبيرة جداً من الموفدين السوريين إلى الجامعات العالمية للحصول على درجات الماجستير والدكتوراه، وتقول الإحصاءات: إن نحو 70% منهم لا يعودون إلى سورية.

ويبدو الحديث عن هجرة الصناعيين أخطر على الاقتصاد من هجرة الطبقات المتوسّطة أو الفقيرة، فهم يغادرون وفي جيوبهم أموال تكفي لفتح معامل ومشاريع كبرى، ويخلّفون وراءهم كمّاً هائلاً من البطالة.

 

 

الحكومة تخذل أصحاب الكفاءات …

يؤكد رئيس غرفة صناعة حلب، فارس الشهابي، على تقصير الحكومة مع الصناعيين، معتبراً أن عدم تعامل هذه الحكومة مع هذه الشريحة على أساس أنهم متضرّرون جعلهم يغادرون.

مبيناً أنه تم تقديم الدراسات والاقتراحات حول الموضوع، بما يضمن الحفاظ على الحياة والعمل، ويطلق مشروع إعادة الأعمار، بغرض تعويض الناس عن أضرارهم وعن مخاطر حياتهم، وتحفيزهم للعمل والإنتاج تحت ظروفٍ قاهرة، ولكي يتمكنوا من إصلاح حالهم وحال مدنهم وبالتالي إصلاح قاطرة النموّ الاقتصاديّ في البلاد

وأضاف الشهابي فيما يخص حلب: لم نطلب أموالاً بل طلبنا الرعاية والاحتضان، تلقينا الوعود وانتظرنا، ولم يحدث شيء، حتى أُفرغت حلب من أهلها تدريجياً، وأصبحت الآن المدينة الأكثر تشرّداً في العالم.

ولا يرى الشهابي أن وراء الهجرة أسباباً سياسية، بل يؤكد أن معظم مَنْ هاجر هم مِن فئة الموالين، لأنهم غادروا الآن وليس في بداية الحرب. وعزا هجرتهم إلى أسباب الخوف وغلاء الأسعار وانعدام الثقة بالمستقبل وانتشار الفساد وسيطرة تجار الحرب، مضيفاً أن الحكومة خذلت هؤلاء السوريين الذين حزموا حقائبهم ولم تستطع توفير العمل لهم رغم كلّ الوعود، بل عمدت إلى حجز أموال الصناعيين والمواطنين المتعثرين ضريبياً ومصرفياً، ولاحقتهم وعاقبتهم على صمودهم وبقائهم في البلاد.

 

 

لا يوجد بيانات…

يتواجد في بلاد الاغتراب أعداد كبيرة من المغتربين السوريين يعملون بمختلف مجالات الحياة كالتجارة والطب، ويساهم الأطباء المغتربون بنقل خبراتهم في المجال الطبي إلى سورية عبر مشاركتهم لخبراتهم مع الأطباء المحليين.

يؤكد حسن يونس الحسن، المحلل الاقتصادي أن تيارات الهجرة السورية اتجهت إلى الجوار الجغرافي القريب بالدرجة الأولى، ومن ثم إلى بلدان مختارة حسب شروط العمل والتسهيلات المقدمة للمهاجرين، مشيراً إلى أنه من واجب الحكومة مواجهة الظاهرة وليس تجاهلها لأن النظرية الاقتصادية ونظريات التنمية تؤكد على الدور المهم الذي يلعبه رأس المال البشري في النمو طويل الأمد والمستدام، منتقداً في الوقت نفسه وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لعدم امتلاكها أية بيانات عن توزع قوة العمل السورية سواء في الدول العربية والأجنبية.

ويقول الحسن إن من أبسط ما يجب القيام به إذا كنا نريد لهذه الكوادر أن تبقى على أرض بلادها وأن تساهم في تنميتها، توفير المناخ المناسب الذي يساعدها على البقاء، سواء في المجال العلمي الذي يساعدها على استمرار العمل والإبداع، أو إعطائها ما تستحق مقابل الجهد الذي تبذله، وأيضاً لا تبعدها عن المجال الذي يجب أن تعمل فيه.

المصدر: صحيفة الأيام السورية