اقتصاد

لماذا لم تعايد الحكومة موظفيها …..

طقوس الأعياد مهمة وتحمل قيما كبيرة في المجتمع ولعل أهمها “العيدية” التي تكتسب أهمية خاصة باعتبارها مصدراً للسعادة والبهجة وتعكس روح العيد وخاصة بالنسبة للأطفال الذين ينتظرونها من عيد إلى عيد.. وذكر العيدية هنا يذهب بنا للحديث عن “عيدية الحكومة” حيث سرت شائعات كثيرة خلال الأيام التي سبقت عيد الفطر السعيد وتداولتها وسائل التواصل الاجتماعي بكثافة بنت أمالا على “إمكانية مساعدة الحكومة براتب شهر أو نصف شهر “.

 

 

ومن الممكن أن انتظار الأسر السورية لتلك “العيدية” يعزى لنصف الشهر الصعب المقبل عليها بعد العيد وما رافقه من نفقات لشهر رمضان الكريم ومستلزمات العيد وإن تواضعت بسبب ضعف القوة الشرائية من جهة وارتفاع الأسعار من جهة أخرى خلال الشهر الماضي.. علما أن رواتب جميع الموظفين في سورية خلال شهر واحد تصل إلى 65 مليار ليرة سورية.

وبالعودة إلى طقوس العيد فإننا نجدها قد اختلفت قليلا مع تطور الحياة خلال مئات السنين لتبقى “العيدية” من ضمنها محتفظة ببريقها وأصالة وجودها لقرون طويلة فهي كلمة مشتقة من كلمة عيد وتعني العطاء أو العطف كونها لفظ اصطلاحي أطلقه الناس على النقود والهدايا التى كانت توزع خلال موسمي عيدي الفطر والأضحى.

وبحسب روايات تاريخية فإن العيدية ظهرت في مصر بالعصر الفاطمي، وكانت تعرف بأسماء مختلفة آنذاك حيث كانت توزع النقود والثياب على المواطنين خلال فترة الأعياد.. وظلت تلك العادة موجودة خلال العصر المملوكي ليتم تحريفها لتصبح العيدية لا تقتصر على عامة الشعب بل لعبت المكانة الاجتماعية دورا في تحديد حجمها حيث أصبحت تقدم لعلية القوم على هيئة دنانير ذهبية، فيما كان البعض الآخر (الأدنى درجة) يحصلون على دنانير من الفضة، أما الأمراء وكبار رجال الدولة فكانت تقدم لهم العيدية على هيئة طبق مملوء بالدنانير الذهبية بالإضافة إلى الحلوى والمأكولات الفاخرة كهدية من الحاكم.

 

 

وتحول تقليد العيدية إلى الوجهاء والأمراء من بعد إن كانت للفقراء استمر حتى وقتنا الحالي لكن أصبح تقديمها يتم بطرق جديدة للمتنفذين والمسؤولين والموظفين انطلاقا من مبدأ ” فضل التهادي في تصريف القلوب و ترطيب النفوس” حيث باتت العيدية تقدم في مجال المصلحة المادية لتمرير الذي لا يمرر أو لفتح الأبواب المغلقة لتبتعد بذلك عن معنى المعايدة والعيدية وتصبح رشوة مبطنة حيث نراهم فتحوا الأبواب مشرعة لاستقبال العيديات بل أصبح بعضهم يطالب بها نهارا جهاراً “وعلى عينك يا تاجر”.. بشرط أن تكون أوراقا نقدية طازجة خرجت تواً من البنك.

 

وبالعودة إلى “الدراويش” فقد ساعدتهم التكنولوجيا ( موبايلات حديثة ـ انترنيت ) على حفظ ماء الوجه حيث أصبحوا يتبادلون الهدايا الإلكترونية عبر المنتديات والمواقع الاجتماعية مثل “الفايسبوك” و”تويتر” من أجل الشعور بالبهجة دون مبالاة بقيمتها النقدية أو قابليتها للصرف، في ظل غياب أو انعدام للقدرة الشرائية.

صاحبة الجلالة